نشكر مرورك العطر علينا .. قـد تـم نقل الموقع ل :
إنسانية نملة

السبت، 19 يناير 2019

عندما يقف الأهل ضد سعادة أبنائهم!

لاشك أن كل أم وكل أب يحبون أبناءهم كل الحب، ولا يدخرون وسعًا في توفير حياة آمنة كريمة لهم، ولا تكتمل سعادتهم إلا حينما يرونهم في أفضل المستويات العلمية والوظيفية والاجتماعية، إلا أن هذا الحب من جانب الكثير من الأمهات والآباء قد يصل إلى درجة الحماية الزائدة والخوف المرضي عليهم الذي يدفعهم إلى التدخل السافر السلبي في شؤونهم واختياراتهم بدعوى أنهم أكبر سنًا وأكثر خبرة وفهمًا لكثير من أمور الحياة،  إذ يقفون في طريق راحتهم وسعادتهم بتدخلهم وتحكمهم في اختيارهم لمجال دراستهم أو نوع وطبيعة أعمالهم أو اختيارهم لمن يرغبون في أن يشاركوهم حياتهم، كما يصرون على تحديد شخصياتهم من خلال فرض قراراتهم على أبنائهم دون أن يتركوا لهم حرية اتخاذ القرار بما  ينسجم مع قدراتهم ورغباتهم!..
وقد يصل هذا التحكم والتدخل في اختيارات الأبناء المصيرية إلى حد التسلط البغيض والتهديد بالحرمان من الميراث أو الغضب والتبرؤ منهم إلى يوم الدين لإجبارهم على الخضوع والرضوخ لتنفيذ أوامرهم وتلبية رغباتهم التي غالبا ما تكون مُحطِمة لآمالهم وأحلامهم وغير مناسبة لقدراتهم  وطباعهم، وفي أحايين كثيرة تدمر حاضرهم ومستقبلهم وتحرمهم من الشعور بالراحة والسعادة، وتسلبهم حقهم في الحرية والاستقلال والاستقرار النفسي والعاطفي والاجتماعي!..
مما يجعل هؤلاء الأبناء يعيشون في صراع مستمر بين طاعة وبر آبائهم وأمهاتهم والبحث عن حرية الاختيارات الخاصة واتخاذ القرارات الشخصية المتعلقة بالدراسة والعمل والزواج، وغالبا ما يضطر هؤلاء الأبناء  في نهاية الأمر إلى وأد أحلامهم وطموحاتهم والتنازل مكرهين عن رغباتهم وسعادتهم  من باب البر بهم وطاعتهم ورضاهم..
فكم من شاب أجبره أهله  على دراسة مجال لا يرغب فيه أو امتهان مهنة لا يحبها ولا تتفق وقدراته فكان الفشل حليفه وضياع مستقبله العملي مصيره..
وكم من فتاة قهرها وأجبرها أهلها على الزواج من  شخص لا تريده لا لشيء سوى لأنه غني أو لأنه من أقربائها وسيحافظ عليها ولن يهينها، فأذاقها ألوانا من العذاب والشقاء ولم يتقِ الله فيها ودمر حياتها وحولها إلى جحيم وطلقها وحرمها حقوقها  وربما حرمها من فلذات كبدها!..
كثيرون أيضًا هم الشباب الذين وقف ذووهم سدًا منيعا في طريق سعادتهم ومنعوهم عنوة من الارتباط بمن أحبوا من الإناث لأسباب مختلفة يظنونها تعانق الصواب رغم أنها الخطأ نفسه، الأمر الذي تسبب في إتعاسهم وفشل حياتهم الزوجية ودفعهم ثمن ذلك غاليا..
فلا أمَرَّ ولا أصعب على أي ابن من أن يشعر أن أحد والديه صار عبئا عليه وعائقًا في طريق سعادته وراحته بفرض وصايته المطلقة عليه  وإرغامه على تقبل قرار لا يناسبه،  لذا ينبغي أن يكون الآباء والأمهات عونًا لأبناءهم ويمنحوهم حقهم في العيش بالطريقة التي تناسب شخصياتهم وقدراتهم وزمانهم،    ولا يجبروهم على العيش في جلبابهم والانصياع لرغباتهم، وأن يكون تدخلهم في حياتهم تدخلا إيجابيا حتى لا يفقدوا ثقتهم بأنفسهم ويصبحوا ذوي شخصيات ضعيفة تجعلهم  عاجزين عن اتخاذ القرارات المهمة، وأن يراقبوا تصرفاتهم منذ الصغر ويعدلوا من أخطائهم، ويعودوهم منذ نعومة أظفارهم على حرية الاختيار واتخاذ القرار كأن يأكلوا ما يحبون ويلبسوا ما يريدون، ويلعبوا وقتما شاءوا، كما ينبغي أن يدرك كل أب وكل أم من هؤلاء  أن أبناءهم أمانة بين أيديهم سيُسألون عنها يوم القيامة ، فليتقوا الله فيهم ويفتحوا قنوات الحوار والتفاهم معهم بالحسنى ويسدوا إليهم النصائح بحب وصبر ويمنحوهم فرصة اتخاذ قراراتهم المصيرية بأنفسهم ثم خوض التجارب أيما كانت نتائجها لأنها ستكسبهم خبرات وستثري أفكارهم وستزيدهم فهما وإدراكا لأمور كثيرة في الحياة.  

تابع إنسانية نملة على الفيس بوك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بحث هذه المدونة الإلكترونية

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

أرشيف المدونة الإلكترونية

التسميات

الإبلاغ عن إساءة الاستخدام

المشاركات الشائعة

من أنا